Sunday, January 18, 2009

ابحث عن ابتسامة .. وتقاسمها

قد نقفز من فرط السعادة عندما نعلم بقدوم مولودٍ جديد ، ونقف لنحني رؤوسنا وتبكي عيوننا حزناً وألماً عند قبور من رحلوا.. وقد تستدعى لتكون: ممثلاً..معلماً..صديقاً..ممرضاً..طبيباً..سياسياً..أو حتى واجداً للأشياء "الضائعة" كالقلوب التي اختنقت وتلاشت لفراق أحبائها
وعلى الرغم من الخرائط والجداول والصيّغ والأفعال والقصص أو الكتب...
لطالمـا كـان التاريخ واحــداً
ومهما كثرت مراجعنا ودراساتنا وعلت رتب شهاداتنا فنحن بالنهاية بشر ننتظم تحت عناوين واحدة ونتمتع بردود أفعال مهما اختلفت تتشابه .. ولن نكون سوى نحن وانعكاس لما نضعه وتصقله الحياة في كنواتنا
كل لحظة نعيشها هي وحيدة وفريدة ..دقيقة لن تعود ثانية أبداً ، كما الأشخاص الذين نفقدهم في حياتنا .. لن تعيدهم المؤتمرات ولا المعاهدات ولا حتى المساعدات المالية مهما كثرت وتعددت مصادرها
قد نجتمع لتكريم ذكراهم .. فبينما كانوا على الأرض لمسوا حياة كل واحد منّا ، أصواتهم تتردد في ذاكرتنا وابتسامتهم لا زالت تنعش ذلك الجزء المهجور في قلوبنا .. ركبوا محطة الحياة ووصلوا الى مثواهم الأخير ربما وجدوا أن بطن الأرض خير من ظهرها ..
كم دعونا لهم أن يرقدوا بسلام وأن يتمكن كل منّا من متابعة حياته ويتقدم إلى الأمام في غيابهم ..دفنا معهم أشياء كثيرة -أحاسيس وذكريات وصدى لضحكات عذبة تجلجل أجسادنا- وآمنا أن عجلة الحياة لابد أن تستمر .. ادعينا القوة والصبر وحملنا الهدف شعاراً يواسينا يقوينا ويحمينا ويرد العزيمة فينا .. وآخرون حملوا شعارات يترأسها :"أن لا للكذب في علاقاتنا" واكتشفنا مع الزمن أنهم لم يكذبوا سوى علينا ولم يبيعوا سوى أراضينا

فتحنا المتاجر والشركات ونجحنا نجاحاً كاسحاً على مستوى الأعمال علّ ذلك يخفف مصابنا وينسينا البوصلة التي لطالما خضنا المعارك تحت رايتها.. وعندما تملكنا اليأس على أحوالنا - في المدارس وفي الجامعات ولرؤسائنا في العمل وللأشخاص الجدد في حياتنا- وجدنا أننا لم نبع شيئاً سوى أنفسنا

قد نحكم على أي شخص بالفشل لمجرد أنه لم يترك ذلك الإرث المادي بالمفهوم الذي نعرفه .. ورغم أنهم لم يخلفوا سوى طوفان الدمار الذي غطى أشلاءهم .. الا أنهم قد تركوا قلوباً خطفتها أفعالهم ، وعقولاً حفظت كلماتهم ، وعيوناً لم تستطع سوى البكاء لفراقهم .. فميراثهم كان حباً وعطفاً وهدفاً زرعوه في كل من حولهم حتى انساب كنهر من نزيف وصل أطراف العالم يحاولون وقف تدفقه بشتى الطرق ..شوكة في حلق الزمن الآتي وشوكة في حلق أعادينا ..
أجل.. لن يعود من فقدناه يوماً ولن يملأ ذلك الفراغ أحد ، سنعيد بناء الصروح بعناية فائقة وسنعلن عن ادخال حياة جديدة مع كل ولادة طفل حر وسنخوض المعارك الضارية وسنصرخ كمن أصابه المس: بيدي لا بيد جلادي وعلي وعلى أحبائي ... سننام ليال تغطينا السماء وستنقضي أيام كثيرة قبل أن نستطيع لفظ أسماء أحباءنا دون أن تدمع عيوننا ، لن تكون الثروة المادية أحد أهدافنا ولكننا سنبحث طوال الوقت عن الكنز الكامن في طلب فرصة جديدة لاستخدام قوانا وإعلان أهدافنا أمام العالم .. ككيس شاي لا يدرك مدى قوته الاّ في الماء الساخن

لن تتحرك الأرض من أجلي أو من أجلك لتعيد لنا أحباءنا ولكنها ستمدنا بكل خيراتها لنحقق ما نصبوا إليه في رحلة حياتنا .. كل ما علينا فعله أمام هذا الدمار الظاهري هو أن نلمس أوتار الإبداع في قلوبنا فكل ما نحتاج أثبت أنه يكمن فينا .. لنحدد أهدافنا و لنتخيلها بحيوية ولنبدأ انا وأنت العمل على تحقيقها.. لنحولها الى مدرسة تنشئ جيلاً بعد جيل ولنعد إعمار أنفسنا قبل بيوتنا ..ولنتمتع بالحياة فهذه ليست بروفة أخيرة لمسرحية
لنضع قاعدة في غرف نومنا وفي سياراتنا وحتى اماكن عملنا وقبل ذلك لنضعها في رؤوسنا ...لا توجد أحلام مستحيلة ولا يوجد عالم لا ينصاع لكلمة الحق ولا يوجد مكان للتنازل في عمرنا المطعون ...
ولكن المستحيل أن يعود من فقدناه يوماً