Saturday, October 20, 2007

خذ دقيقة لترى بوضوح

لم تكن مشكلة صعوبة التعبير عن طريق الكلام ناتجة من تراكم أحمال الأيام في ذواتنا لتمنعنا عن إيصال مشاعرنا إلى العالم ، ولطالما وجدنا أنفسنا بحاجة إلى جلسات استحضار الأرواح ، لننبش قبور من رحلوا ، ونتحسس آثار نقوشهم على جدران أيامنا ، في كل تصرف وعلى كل مفرق طرق في المفردات
وبعد أن تشتعل أيامنا جمراَ ونتكوم رماداَ ونحن ننتظر على عتباتهم ، نرتقب طيفاَ يزحف حاملاََ معه دفء الحياة وأملاَ بربيع جديد
وتتناثر أيامنا كغبار نيسان ، وتنير شموع درب لطالما حفته أنامل بالحنان والدلال ، لا ننكر أننا اشتعلنا منصهرين كل ليلة أمام ذكرياتهم ، وكم داعبت رموشنا بعضها في محاولة للتغلب على أحلامنا، ونستيقظ لنقف جبالاَ شامخة أمام ذكراهم

تنزل قطرات الماء مُقبلة سطح الأرض ناقلة شوق الغيمات وحبها .. تجدنا نقف خلف نوافذنا منتظرين شمساَ تلقي بخيوطها فوق أغصان الشجر ، ولم نفكر ولو للحظة بأن نفتح نوافذنا ونمد بأيدينا سارقين بعض شوق سمائنا إلى أرضها ونستقبل نسمات الهواء الرطبة مداعبة وجناتنا وخصل شعرنا ، ونغمض عيوننا لنرى أسراب الطيور وقد عادت تغني مقتربة مبتعدة من قوس قزح
لن ننسى أن عثرات الأيام قد ملأتنا بالجروح واتعبتنا السقطات المتتالية ، ونتمنى الوقوف ولو قليلاَ لنرتمي بأحضان أحبائنا ، لحظات لا نتكلم فيها أبداَ .. ولكن سنطلق العنان لقلوبنا لتعزف أجمل لحن للذكريات ، وعندها سنسمع أصواتهم تتردد من بعيد: لا تستسلم الآن , لأن الطريق لا يزال مستمراَيا حبيبي
ببساطة ، لأن المبدأ الذي تعلمته منهم أن الأشخاص المحبون يتمسكون بما يحبون ولا يتخلون عنه أبداَ
فلنتحوّل الآن إلى محاربين ، ولننظر إلى كل شيء نظرة تحد ومواجهة ، ولنتوقف لإستنشاق النسمات المشبعة بالرطوبة .. كقلوبنا التي أشبعها الشوق توقداَ لننسى التعب ولنرتمي بأحضان أحبائنا مستسلمين لدقات تهز كياننا
إصنع لنفسك معروفاَ ، وافتح نافذتك الآن واستقبل قطرات المطر العذبة ، اتركها تغسل آلامك وأحزانك ، استنشق أنفاسك ببطئ وخذ وقتاَ لترى كل ما يدور حولك ، فربما يفوتك رؤية شيء رائع ، لا تقبل أن تحوّل نفسك إلى قطعة قديمة بالية متهالكة يتم عرضها وتباع برخص في مزاد الناس ، فكر ببطئ واستمتع بوقتك ولا تنسى تناغم حياتك ولا تنسى لمسة المعلم في إنجاحها

لنفكر الآن سوياَ .. أنا وأنت .. بتزيين حياة الناس وليمسك كل منّا ريشة وليحضّر ألوانه ، فسوف نرسم أجمل ابتسامة عرفها التاريخ ، نعم .. سنترك تلك البصمات التي لن تزيلها عوامل الحت والتعرية ، والهدم والبناء ، بل ستكون نقشاَ في قلوب من عرفونا ولن يتحقق ذلك كله إلا إذا
رفعت مظلتك بعيداَ ولندع سيول الشتاء تغسلنا وتجدد حياتنا بانتظار ربيع جديد