Saturday, November 28, 2009

أنت عيدي

يشق صوت قطرات الماء المنهمرة سكون النهار يغذي أرواحنا العطشى بأمل الربيع حيث يغمرنا الخوف من حصاد لا يجيء ، فأجدني أنا التي أنبت وجاءت مع فرحتي كل المواسم مجتمعة وأجمل ما فيها موسم الشوق والانتظار والتألق ، وموسم الفرح الذي ترسمه كلماتك وكأنك هواء المواسم وانقلاباتها وكأنك روعة الحروف التي تنتظم قصائد شعرية أو حتى مقالاً يصف قسوة العيش والاحتلال.

انت عيدي كلما تتالت الأعياد ، وأنت عيدي كلما اشتريت فستاناً جديداً و كلما رأيت نفسي في صفحة سمائك أزداد جمالاً وأتزيّن للقائك أكثر ، أنت عيدي فلا تسأل عن أي جرح سوف أتكلم فليس في العيد جروح وليس في العيد أحزان

لن نلتفت عميقاً في التاريخ ولن ننتظر عيداً مثالياً مختلفاً عما عهدنا ، فجماليات الشتاء تكمن في برودته ولو اخترقتنا ولو حتى أمرضتنا ، ولن التفت الى جروحي المنتشرة بل سأرى أفراح الأطفال وألعابهم -بقايا صاروخ- أو حتى ورود على قبر شهيد سرقته الحرب فرحة العيد.

أنت عيدي بلون المدينة التي تعودت قضاء عيدي فيها ، تلك المدينة التي تتقن الحياة رغم حصار الموت وقد استبدلت العابها النارية بقنابل ورونق الطرقات وزينتها بسلاسل مجنزرة .. أنت عيدي بحبي لأهدافي التي أسعى إليها ، باتقان جدتي صنع الخبز في المنزل ، بصمود اشجار الزيتون التي تغطي أراضينا ، لذا لا تسألني عن أي جرح سوف أتكلم !!!؟

أنت عيدي والقدس عروس قلوبنا وفتاة أحلامنا حيث نضع شروطنا وأمنياتنا ونتجهز بل ونحلم بيوم لقائنا ، أنت عيدي وهواء مدينتي يملأ رئتي .. يعانق جسدي ترابها .. وأنا أقرب إليك وأزداد فرحاً كلما سمعت اسمك وتدق جدران ذاكرتي دماء شهدائك وعدد أسراك وكلما تكاثر أبناؤك في المهجر... ، لا داعي لتنظيم الشؤون والشجون لنغير نظرتنا عن الحياة فجأة لنقول أن العيد جاء بمفاجآت أعظم
أحبك كما كنت ..كما أنت .. كما ستكون ..أجل .. أحبك كل يوم أكثر وكل يوم وأنت أجمل

Sunday, September 27, 2009

وداع لا بد منه

عندما تتعانق المناسبات بطريقة غريبة فتلتقي أحزان الفراق بفرحة العبادة بعد شهر الصيام بوداع الأحبة ، لحظات بل ربما أيام يتساقط منا العزم والأمل كأوراق الخريف الذي لوّن الطرقات وأعاد ذكريات وترك أخرى ، فنعود لنقش ذكريات حفرت داخلنا الإرادة وتنميّة القدرات الداخليّة الموجودة في حياة كل منّا حيث نستطيع تحدي المحن وأي محن نستطيع مواجهتها عندما لا نتجهّز إلا للبس ثوب الفرح
لقد مرت ليال القنوت بسرعة حملت الأمان والهدى والحكمة والقدرة على العطف على أخطاء الآخرين وحماقاتهم شيء من الود الحقيقي لهم ، شيء من العناية باهتماماتهم وهمومهم لنرى نفوسهم مجردة على حقيقتها وننتظر حبهم ومودتهم وثقتهم لنجدها تغمرنا وتسعدنا وتروينا مقابل القليل الذي بادلناهم إياه من انفسنا ، حملت معها تسامحاً وحباَ نحو كل من حمل لنا سيوفاً لتدمينا ورضاً نحو خالق لم نر منه الاّ ما يسعدنا ويبرد قلوبنا ويطمئنها ... نرفع الأكف نحتضن الأمل ونطلق الأماني قائمين الليالي ومسبحين بالأذكار ، لأننا ولسبب ما أم لأننا مهما كانت سعادتنا في الجزء الذي نعيش نرى السعادة في الجزء الذي لم نخضه بعد
هـل جــربت حقــاً طعـم ذلـك؟
تناظر عيوننا صفحة السماء كل ليلة تشق النجوم بلمعانها تلك الصفحة ترسم جماليات نستمتع نحن معشر البشر في تخيلها ولا اعلم هل ننسى أم نتناسى حقيقة حرقتها وشدة اشتعال نيرانها ... أجل هذا تحديداً ما يحصل معنا مع حقيقة اسمها الموت ، نعلم انه موجود وراء كل شيء وفي كل مكان ونحاول النظر الى الحياة من خلال بقعة السماء وتجمع النجوم بعد المساء
ننسى حقاً أن تلك القوة التي لا تنفك تدهشنا هي تحديداً ما يجعلنا نصرخ من الألم لفقدان أحبائنا ونعتقد أنه جرح لن نشفى منه أبداً ، ولكن بعكس كل شيء في هذا العالم فالموت يبدأ كبيراً وسرعان ما يندمل ، وصرخات الألم سرعان ما تتحول الى ترانيم وذكريات عذبة تسلينا ، خصوصاً اذا كان من فقدنا قد غرس بذرة خير نمت وارتفعت سريعاً في الفضاء وأثمرت قلوباً وعقولاً تدق لذكراه دوماً
ستطلع الشمس وستغرب ما أراد لها الله وستخرج حياة من كل مكان وستنمو الزهور في حديقتنا مجدداً فكل يوم سيكون بصفحة بيضاء مستقلة ، فراق لا بد منه لأحباءنا الذين غادرونا الى الدار الآخرة رحم الله اموات المسلمين واسكنهم فسيح جنانه ، وداع لابد منه لكل من سيحمل حقيبة السفر الى بلاد أخرى "للدراسة ، للعمل ، او حتى لبدء حياة جديدة" نستودعهم الله دينهم وعلمهم وحبنا الراسخ لهم وكلنا أمل بتجدد اللقاء قريباً ، وداع لا بد منه لرمضان سنرفع الأكف ليال عديدة أن يبلغنا إياه في العام القادم ، و أن ينفرج الغد على صورة أجمل وأروع وأزهى مما نرى ، ومهما كانت بشاعة الواقع فإن
الإيمان يجمله ويلبسه ثوباً مطرزاً بالأمن والعافية والأمل وهذا ما نحتاجه لإتمام الطريق وأكثر

Tuesday, July 14, 2009

خيارات صحيحة


لقد رأيت الشمس مقبّلة البحر مرات عديدة وسمعت أناشيد الرياح في الوديان ، وأخذت بعيداً عن الحياة والضوضاء لقد مرّت ليال كثيرة غطت بها السعادة أيامي ، سعادة لم تشرق من قبل على شطآني بل ربما لم تحصها حتى نبضاتي وانبعثت دماء الفرح من قلبي لتروي صحراء أيام مضت ، أقولها ببساطة .. لقد تعددت خياراتي وأعطتني تصوراً اعمق عن اشياء أحبها وأشياء أفعلها وأخرى أتطلع إليها
ربما لأن الجدوى من الزمن هو أن يجعل الامور اوضح الينا وكأننا لا نستوعب المواقف بلحظاتها بل نجري مسرعين الى المحطة التالية بدون وعي بل لغباء منا ننتظر الفرح ان يأتي مع الطرف الآخر مع اننا قد نعلم أن النهار لا يأتي الاّ مع الشمس
لطالما تعانقت أيدينا وركضنا سوياً في الطرقات نغني اغاني الفرح وتجلجل ضحكاتنا الأسوار ولو تسنى لك العبور في أي من اماكن تواجدنا لوجدتنا نشاكس بعضنا تارة وتعلو اصواتنا متجادلين تارة أخرى ولأضحكك حالنا المتهالك لننام بملابسنا وأحذيتناعند التعب ... ولوجدتنا في وقت آخر يضع كل منّا اغانيه في أذنيه معبراً عن عدم المشاركة والشعور بالملل متشتتين تماما كجزر الاميرات في بحر مرمرة
وكما يقسم البسفور اسطنبول المدينة الواحدة الى شق اسيوي واخر اوروبي اقتسمنا خبراتنا التي عبرت عن البيئة التي عاش فيها كل منّا مؤخرا، لقد حملت جباهنا مستودعاً للأفكار وايدينا المتشابكة لطالما كانت رمز القوة وعبرت عن عظمة الحنان
قد نغضب من أي شيء ويزداد غضبنا حتى تذيب انفاسنا جبال الجليد القابعة هناك وتملؤنا وحشة البحار الواسعة حيث تمتزج زرقة الماء بسواد الليل وننسى ان قمرا سيشرق كعبرتين تتدرحرج على وجنتين ورديتين ، هكذا تبدلت احوالنا مؤخرا وتعددت خياراتنا ومهما هربنا من مواجهتها فلا خيار الا الاختيار ، قد لا نكون ممن يهتمون حقا بالمجد والوجاهة والفخر او حتى بالزينة والغنى وارتفاع القدر ، بل نجري باحثين عن راحة البال وايمان عميق بالقدر
لن نغني للشجر كطائر بالقفص بل سنرسل اجنحتنا لتنال كل القمم ولنحقق ما نصبو اليه اين ما اوصلنا القدر وسنتقبل كلمة الرفض برأس عالية وروح لا تنهزم ولن نختبئ طويلاً لأن فصل الشتاء مهما طال فهناك ربيع أجمل بانتظار ان يبتدئ

مباركة تلك الأيادي التي غمرتنا بالحب ومباركةَ تلك الصدور التي عانقتنا في لحظات اليأس ومباركة كل النتائج التي جاءت فيما وراء التوقعات ، كما مباركة تلك المآذن والاسوار المنسوجة والمزينة برائحة التاريخ المعبرة عن عظمة الحقبة الاسلامية القابعة بما نقشته هناك متحدية العيون والقلوب والأوراق والآمال
فرحةً سعيدةً مهللةً .. هكذا كانت أيامنا تنساب بروعة في مدينة الإسلام

Thursday, April 9, 2009

إنني أحب الحياة

نعم ،، قررت عزف نغم جديد بعيد كل البعد عما أعتدت عزفه مؤخراً ، فتلامس أناملي أوتار قيثارتي مستعدة لنسج ثوب جديد، لقد قررت التغيير والأنتقال للمرحلة القادمة ولكنني سرعان ما أصطدم بسؤالي القديم الجديد :
إلـــى أيــــن ؟؟

تشق عيوني يومها عبر الطرقات بنغم سريع متزايد ، خطوات جديدة ومختلفة لم أعتدها أبداً بعد أن أدمنت صمتاً تجاوز صداه ذاتي .. تتخافق أفكاري طرباً فولعي بما هو جديد ما زال في أوجه مشتعلاً ، قد نعطي الثقة في لحظات اليأس ، لتمد يد تساندنا وتغيّر الساكن فينا إلى الحركة أو قد تشحن أيامنا بالأمل حتى لا نكاد نرى في مجال رؤيتنا الّا ذلك الضوء يساندنا وينير العتمة في عيوننا ، ونسجد شاكرين لهذه النعمة عند اختلاف المواقيت وتزايد المحن

لابد أن هناك علاقة وثيقة ما بين الجسد والشعور، حيث يستجيب الجسد طوعاً لما يمليه عليه الشعور ، كحبيب يرفض حزن محبوبته بل ويتكيف مع رضاها رغم أنه قد يتعارض مع كل المسلمات العقلية ومن سواها .. حيث يتأثر بكل أنواع المشاعر والمؤثرات المتعلقة بالحاجات ... ولكن الأجمل حين نسخر أرواحنا طوعا للتخلص من المشاعر "الدنيا" كالرغبة والحقد ونترك للعقل أن يقود اللعبة في اختيارات الحياة ، لأن الشمس ستشرق كل يوم حتى لو قررنا النوم كل أيام السنة ... ولكن من جهة أخرى فإننا عاجلاً أم آجلاً سنعجز عن رؤية الأشياء بشكل صحيح ببساطة "لأن المراحل لا تعاد والعمر لا يعود إلى الوراء أبدا" لأن منطق العقل سيبقى دائما 1+1=2 ولكننا لن نستطيع استرجاع أي لحظة قد مرت في خط الزمن ولن يبقى سوى بصمات ستغذي أرواحنا فرحاً وفخراً وانجازاً لكل نقش على جدار حياتنا

لقد عملنا بجد على مر العصور .. ابتكرنا الآلات وبالغنا في تطويرها حتى جعلنا أنفسنا نعتقد أنها ذكية حقاً لمجرد أنها "تعمل من تلقاء نفسها" وبالغنا في تمجيد أنفسنا مع أن "القوانين" هي ما يحكم حياتنا .. واكتشفنا متأخراً أننا أعقد من أي برنامج معلوماتي قد صممناه ... وعندما نحزن نود لو نلوّن العالم كله بريشة من سواد مع أننا نعلم ضمنا أن أقرب الناس إلينا لا يستوعبون حجم الألم عندما يعتصرنا ،، ولكن ليس بالضرورة أن تحتل مشكلتي أو مشكلتك العناوين الرئيسية حتى نحس بأهميتها ولكننا نحتاج فقط لرؤية أوسع "بمفهوم فضائي" فكل ما سنحتاجه حينها : مقارنة بسيطة لحجم مشكلتنا بحجم أكبر كوكب بالمجموعة الشمسية أو ضمن المجرات!!! ... لنفكر بفضاء لا محدود فقبل أزمان بعيدة سكن أجدادنا الحقول والجبال وكونت ارتعاشاتهم الصغيرة من وحوش الغابة نقاطاً لا تكاد ترى على محيط الزمن اللامحدود

اذا : ماذا سنكون أنا وأنت بعد ثلاثين ألف سنة ؟؟؟
أتعتقدون أنها أفكار هدامة ؟؟؟؟ ربما نعم ربما لا

لهذا قررت أن أتعلم "فن الحياة" تلك الفنون التي ستقودني الى حياة سعيدة لا بتجنب الشجار مع جارتي أو بذل أقصى جهودي لتجنب شتم السيارات خلال قيادتي بالشوارع ، بل بمصافحة تلك الجارة صباحاً بعد أن أهديها التحية ، سأتخيل الناس في الشوارع يدي التي لن تقفز يوماً من مكانها لتتخلى عني ولكنها قد تحرمني خدماتها إذا لم أحترم وجودها معي لخدمتي

لا أقصد التحوّل الى ملائكة ولكن الأمر يعني أن نرى في منظار الشمولية أن كل شي هو جزء من اختياراتنا ولو أجبرنا على عكسه وحتى لو واجهنا عوائق "سياسية ، اجتماعية ، اقتصادية ، أو أياٌ كانت" ... وقد تستطيع تلك الضغوط أن تشلنا وقد لا نعيش كبشر أحرار الاّ عندما يتاح لنا أن ننمو في الشمس وأن نستفيد من غنى التربة وأن ننمي كل امكانياتنا الكامنة ، لكننا نظل مرتبطين بالجذور التي نمينا منها وبالظروف الخارجية التي تحيطنا بالنهاية سنملك حرية تنمية كل الإمكانيات التي نحملها في ذاتنا
تماماً كشجرة تفاح لن تثمر برتقالاً مهما فعلنا
وستظل حياتنا فارغة وعارية كلوح أسود بانتظار دخول الأستاذ



Saturday, February 14, 2009

ثابر ، فهناك مصير أفضل بانتظارك


كل مساء تختفي شمس من السماء ، ترسم أشكالاً وتترك ألواناً وتتلوها نجمة تتلألأ في عيون محبيها ، تدق أجراس الروح شوقاً وتنتظم الكلمات في الخيال مصطفة ، نتمسك بها كطفلة مدللة تخاف الفراق ، ورغم يقينها أن الليل سيسبق النهار مرات عديدة قبل أن تلاقي محبيها وقد لا تفعل ... تتسلل إليها وحشة الليل وبرودة الفجر ولا تجد سوى بضع من ذكريات تدثرها وتدفيها لتتلاقى رموشها مرات عديدة إلى أن تستسلم لمعانقة أحلامها. تماماُ كفراشة يتخافق جناحاها برداً تبحث عن وردة تسكنها ، تؤويها ، تتعلق بأوراقها وتخفيها ، ورغم كل المحاولات لن تستطيع أن تنسيها حقاً ما أدمع مآقيها ... تحسها الآن أكثر من أي وقت مضى حيث يبدو حزنها كله مجرد معبر الى هذا الحزن الذي يشقها كبريق الشمس في الجليد

ما أروع ما يفعله فينا الزمن ... يحوّل الذات فينا من السكون إلى الكلام ، وتسكننا السعادة وتشرق علينا شمس واحدة يتغلغل نورها فينا ينهشنا من الداخل إلى الخارج ويجعلنا في منتهى الضعف ، يثير الفوضى فينا ويتركنا نحاكي الظلام وهو يسلك الطريق إلى قلوبنا ، نرتد بعدها إلى السكون منصاعين لألم الروح وألم الجسد .. أو ربما هو ألم القلوب ولكننا لا نعترف
بنينا القصور وشيّدنا القلاع ظناً منّا أننا نحمي أنفسنا من الأذى .. ولم نفكر حينها أن من أراد الإختراق لن ينتظر الإذن بالدخول ولن يختلف وقتها عن أي متهور غيره ليعطي نفسه صلاحية التجوّل في دنيانا المبعثرة ويزيدها بعثرة ، فتتسرب الحياة من خلايانا المتلاصقة فلا تغدو ملكنا ولا نحن نصلح لنكون مدافعين عن أسوارها ، عندها سنفضل تضليل أرواحنا على مصارحتها ، سنفضل أي غربة وأي هرب وأي شقاء

وهل هناك غربة تساوي غربة القلوب ؟؟ أم هل هناك شقاء يساوي شقاءها ؟؟ على الإكتفاء بالإنصياع لما قدّره القدر ؟؟

وبما أننا نعلم جيداً أننا نحن ونحن فقط من يصنع أيامنا ويغيرها ويحييها حتى لو كانت حواء بكل حوائيتها وجمالها تحلييها ، وحتى لو رسمنا أعرض الخطوط في مخطط حياتنا وسطرنا برأس الصفحة الأولى " لا للتخلي عن أحلامنا " ، ورغم عظمة الإنجاز في عيوننا ، ورغم ما يحاك عن جاذبيتنا وسحرنا الاّ أن عمق السر لا يكاد يذكر فعظمة الإنجاز باختراق الذوات يتكون ببساطة من أشياء صغيرة عظيمة تتكرر كل يوم فليس الشيء بما يحتويه بل بالكيفية التي نراه فيه ... وعندها لن نستطيع التعبير عن مدى شكرنا لإعطاءنا لمحة عن جمال هذه الحياة وعن تأثير وجودهم فينا ، ولن يكون لدينا أدنى شك من أن الحياة ستحمل في طياتها من سيسعدنا ويشقينا ويتعبنا ويحمينا ويمد يده تساندنا وتقوي العزيمة فينا ... أجل ستحمل الحياة ما يرضينا

أخيراً ... لنقيّد أحباءنا بالثقة ولننسى قلوبنا الجبانة للحظات ولنهدئ من اهتزازاتها المرتجفة فأكبر مخاوفنا "إخفاق الأماني" وافتقارنا لمن نبثهم شكوى الأحزان ، فقد عرفنا الجميع بالفرح والأغاني و شاهدوا الإبتسامات والأفكار وأطلقوا الأماني ... ورغم أنهم لم يستطيعوا إحصاء الأثقال التي حطمت الأحلام ورسمت دمعاً من صحوة الأيام ، الاّ أنها أبقت أكتافاً تتحمل أثقال الحياة وتعبها هي نفسها الأكتاف التي تحمل أكفاً ناعمة تحتضن محبيها وتناجيهم ... لأنه وببساطة لا يستطيع أحد التعامل مع القلوب الاّ اذا توفر لديه العطف بدافع من الحب
ويبقى السؤال متردداً
هل نحن مستعدون للمغامرة والمجازفة والعمل ولعب لعبة الحياة ؟؟؟

Sunday, January 18, 2009

ابحث عن ابتسامة .. وتقاسمها

قد نقفز من فرط السعادة عندما نعلم بقدوم مولودٍ جديد ، ونقف لنحني رؤوسنا وتبكي عيوننا حزناً وألماً عند قبور من رحلوا.. وقد تستدعى لتكون: ممثلاً..معلماً..صديقاً..ممرضاً..طبيباً..سياسياً..أو حتى واجداً للأشياء "الضائعة" كالقلوب التي اختنقت وتلاشت لفراق أحبائها
وعلى الرغم من الخرائط والجداول والصيّغ والأفعال والقصص أو الكتب...
لطالمـا كـان التاريخ واحــداً
ومهما كثرت مراجعنا ودراساتنا وعلت رتب شهاداتنا فنحن بالنهاية بشر ننتظم تحت عناوين واحدة ونتمتع بردود أفعال مهما اختلفت تتشابه .. ولن نكون سوى نحن وانعكاس لما نضعه وتصقله الحياة في كنواتنا
كل لحظة نعيشها هي وحيدة وفريدة ..دقيقة لن تعود ثانية أبداً ، كما الأشخاص الذين نفقدهم في حياتنا .. لن تعيدهم المؤتمرات ولا المعاهدات ولا حتى المساعدات المالية مهما كثرت وتعددت مصادرها
قد نجتمع لتكريم ذكراهم .. فبينما كانوا على الأرض لمسوا حياة كل واحد منّا ، أصواتهم تتردد في ذاكرتنا وابتسامتهم لا زالت تنعش ذلك الجزء المهجور في قلوبنا .. ركبوا محطة الحياة ووصلوا الى مثواهم الأخير ربما وجدوا أن بطن الأرض خير من ظهرها ..
كم دعونا لهم أن يرقدوا بسلام وأن يتمكن كل منّا من متابعة حياته ويتقدم إلى الأمام في غيابهم ..دفنا معهم أشياء كثيرة -أحاسيس وذكريات وصدى لضحكات عذبة تجلجل أجسادنا- وآمنا أن عجلة الحياة لابد أن تستمر .. ادعينا القوة والصبر وحملنا الهدف شعاراً يواسينا يقوينا ويحمينا ويرد العزيمة فينا .. وآخرون حملوا شعارات يترأسها :"أن لا للكذب في علاقاتنا" واكتشفنا مع الزمن أنهم لم يكذبوا سوى علينا ولم يبيعوا سوى أراضينا

فتحنا المتاجر والشركات ونجحنا نجاحاً كاسحاً على مستوى الأعمال علّ ذلك يخفف مصابنا وينسينا البوصلة التي لطالما خضنا المعارك تحت رايتها.. وعندما تملكنا اليأس على أحوالنا - في المدارس وفي الجامعات ولرؤسائنا في العمل وللأشخاص الجدد في حياتنا- وجدنا أننا لم نبع شيئاً سوى أنفسنا

قد نحكم على أي شخص بالفشل لمجرد أنه لم يترك ذلك الإرث المادي بالمفهوم الذي نعرفه .. ورغم أنهم لم يخلفوا سوى طوفان الدمار الذي غطى أشلاءهم .. الا أنهم قد تركوا قلوباً خطفتها أفعالهم ، وعقولاً حفظت كلماتهم ، وعيوناً لم تستطع سوى البكاء لفراقهم .. فميراثهم كان حباً وعطفاً وهدفاً زرعوه في كل من حولهم حتى انساب كنهر من نزيف وصل أطراف العالم يحاولون وقف تدفقه بشتى الطرق ..شوكة في حلق الزمن الآتي وشوكة في حلق أعادينا ..
أجل.. لن يعود من فقدناه يوماً ولن يملأ ذلك الفراغ أحد ، سنعيد بناء الصروح بعناية فائقة وسنعلن عن ادخال حياة جديدة مع كل ولادة طفل حر وسنخوض المعارك الضارية وسنصرخ كمن أصابه المس: بيدي لا بيد جلادي وعلي وعلى أحبائي ... سننام ليال تغطينا السماء وستنقضي أيام كثيرة قبل أن نستطيع لفظ أسماء أحباءنا دون أن تدمع عيوننا ، لن تكون الثروة المادية أحد أهدافنا ولكننا سنبحث طوال الوقت عن الكنز الكامن في طلب فرصة جديدة لاستخدام قوانا وإعلان أهدافنا أمام العالم .. ككيس شاي لا يدرك مدى قوته الاّ في الماء الساخن

لن تتحرك الأرض من أجلي أو من أجلك لتعيد لنا أحباءنا ولكنها ستمدنا بكل خيراتها لنحقق ما نصبوا إليه في رحلة حياتنا .. كل ما علينا فعله أمام هذا الدمار الظاهري هو أن نلمس أوتار الإبداع في قلوبنا فكل ما نحتاج أثبت أنه يكمن فينا .. لنحدد أهدافنا و لنتخيلها بحيوية ولنبدأ انا وأنت العمل على تحقيقها.. لنحولها الى مدرسة تنشئ جيلاً بعد جيل ولنعد إعمار أنفسنا قبل بيوتنا ..ولنتمتع بالحياة فهذه ليست بروفة أخيرة لمسرحية
لنضع قاعدة في غرف نومنا وفي سياراتنا وحتى اماكن عملنا وقبل ذلك لنضعها في رؤوسنا ...لا توجد أحلام مستحيلة ولا يوجد عالم لا ينصاع لكلمة الحق ولا يوجد مكان للتنازل في عمرنا المطعون ...
ولكن المستحيل أن يعود من فقدناه يوماً