Thursday, August 26, 2010

ما أجمل ذكرياتنا .. وما أجمل التفاصيل التي لم نعشها بعد

لا يمكننا التوقف عن النظر إلى الماضي دون أن نتحسس ذكريات نحبها وأخرى نتألم منها ، وتجارب نتمنى اعادتها و اشياء نتمنى زوالها ، وربما ولهذا السبب تجدنا ندوّن لكل تجربة نعيشها سواء هنا ام هناك .. تجارب منفردة ومميزة بحنينها بجنونها وتفاصيلها .

نعم .. لكل مدينة ألوان وأنماط وإطلالة مختلفة ، وكل مرة نعيش تجربة جديدة نغادر ونترك بصمة تعتبر خبرة في تاريخ رواية ذاكرتنا

مرت ساعات بيروت سريعاً سحرتني الغابات والاشجار الملتحفة بملاءة خضراء ويحيطها البحر كحزام الأمان ، وأنا المسحورة بتلك الإطلالة أقود عبر شوارعها أندمج مع رقعة الشارع وأنسى فن القيادة مع صعوبة انعطافاتها المتعانقة مع أشجار تشرح لك شجرة بعد شجرة منزلاً بعد منزل قصة الصمود ، بأسوار مهدمة أو حتى آثار لانفجار قريب كلها تنخرط لتحكي حكاية المقاومة.


نحن حقاً لا نختار قدرنا ولا وجهتنا التالية ، ولكننا ولقدر ما نكون على موعدٍ مع السعادة في مكان ما .. فتارة مائدة دمشقية وتارة أخرى نكون على موعد مع أمواج شاطئ جديد او حتى قلعة تحكي تاريخاً عريق ، ولكن في كل مرة نترك المكان وقد اغرقتنا الذكريات لنعود ونصف الحروف لعمل نصبٍ لاحياء ذلك التذكار

نحن معشر البشر نعشق أن ترتبط حياتنا بالأرقام .. تواريخ وحروب أو حتى نكبات ولا ننسى أهم شيء "أجمل اللحظات" وفي كل مرة سيمر تاريخ مشابه ننبش قبر المشاعر لاحياءها بكوارثها ونكباتها او حتى أدق تفاصيلها الجميلة

ففي النهاية ليس التدوين الا رسائل وبطاقات نكتبها في المناسبات لنعلن تفاصيلنا المبهمة لمن يهمه الامر ... أليس كذلك؟


مع صوت المآذن والباعة و نساء ملتحفات بالسواد وخطى متسارعة هنا وهناك وطيور تعبر السماء على عجل وعيوني التي تود أن تخترق تلك الاسوار لهفة اليك يا كعبتي تعود تلك الرعشة لتسري في دمي وتزيد من خفقان قلبي ، وها انا امامك في مكة مذهولة ها هنا كأنها أول مرة أقف في حضرتك وكأنني لأول مرة أرى كل تلك الجموع تطوف حولك وترفع الأكف تناجي خالقي وخالقك وتتزاحم الكلمات في خاطري وامنيات لم أخطط لها وأخرى دونتها وبت أعجز عن قراءتها وأخطاء كم أود الاعتذار عنها ... ولكن ... أتدري أن للشوق تأثيراً عميقاً على ذاكرتنا ؟؟ فشوقي للقاءك انساني ما خططت ليال طويلة لاقدمه في زيارتك.

أتعلمون انه من الصعب ان نعيش تجربة نعجز عن التدوين لها؟؟ فنقف عند بركان ذواتنا نعجز عن الانفجار بما تخفيه أساريرنا ... نحاول تذكر لحظات الماضي ونعود بالزمن نادمين الى الوراء ولا يعود في وسعنا الا التعري أمام أنفسنا والإعتراف بكامل أخطائنا ... ما أصعب الإعتراف بأخطاءٍ نعلم أننا لمنا غيرنا كثيراً عليها مسبقاً ، شيء أحمق حقاً تكرار نفس الأخطاء رغم الخبرة وعمق المعرفة لكن هي جماليات العودة طوعاً وندماً الى الخالق والاعتراف ضمناً بانسانياتنا وقصور ارادتنا

فالدعاء نعمة لا يحسها إلا من أدمن سؤال رب السماء قد لا يأتي بالتقسيط تحت صدمة الخشوع .. وإنما شلالاً يجرفك إلى حيث لا تدري ولا تستطيع التوقف إلا عندما ترتوي مآقيك من دمعها

في شوارع مكة عيون مجهولة تحيي بعضها بحياء فرحة مبتهلة وغبار يمسح عن النفوس وفرح ينبع من الخلايا وغد مليء بالأمل والإنجاز ودواء يشفي الآلآمنا ، وتساؤلات تدق في العقول وبين سطور التاريخ

هناك نبض يعبر عن ما يخفيه دولاب قلوبنا من آمال وأحلام فيولد لنا لسان جديد ينطق معترفاً يحاكي جدراناً منسية ونحس بفرحة الحصاد قبل ان نزرعه ربما هي ثقة تغرس في نفوسنا رغماً عنّا ... فأعماقنا كأي بيت نشيّده و نسكنه يحتاج منّا الى رعاية وعناية ونفض من حين لآخر وفتح للنوافذ لادخال الهواء .. نرتب الاولويات ونضع الاحتياجات اولاُ ثم نلغي الاشياء التي بات وجودها عبئاً على حياتنا وبعدها نمتلىء بهواء نضيف ومنعش


لنرفع الأكف عالياً ولتنخفض عيوننا بخشوع ولنطلق القلوب لتحكي عن ما نخبئه بعناية وخوف فليس هناك وقت للاختباء مادام الوّدُود يسمعنا في أي وقت

الآن ... امسح ما تود نسيانه الى الأبد ولتبدأ رسم الطريق من جديد

ولكن .... ليكن هذه المرة مستقيماً الى الهدف